* هندسة الرحمن تتجلى عظمتها في روعة مخلوقاته وتكامل أدائها فيما قدره لها, وبتصميمها العبقري الخالي من النقائص , مع إلتزامها التام بالحفاظ على (التوازن الرباني الدقيق) بين كل العناصر البيئية في الكون الفسيح.
* * و (إن يشاء الله) سوف نستعرض في حلقات هذه السلسلة من المقالات, أمثلة من إبداعات الرحمن في جميع مخلوقاته الرائعه, ليتضح لنا مدي تفرد القدرة الإلاهية بإبداعاتها الربانية... والتي يستحيل أن تطاولها أي هندسة بشريه.
10- معجزات الرحمن في خلق الإبل
عظمة خلق الأبل أثبته القرآن
المعجز حيث بدأ بلفت أنظارنا إلى قدرة الله في خلق الإبل قبل الإشارة
إلى إعجازه
في رفع السماء ونصب الجبال وتسطيح الأرض، وكلها آيات على قدرة
الله، حيث قال :-
{ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى
الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الجِبَالِ
كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } (الغاشية :17-20)
فلماذا خص الله الإبل في سورة الغاشية ، وما هي معجزات و عجائب الرحمن في خلق الإبل؟ في هذه المقالة الشاملة من سلسلة مقالات هندسة الرحمن في مخلوقاته للدكتور. عبد المنعم وهبي سنوفر لكم بالتفصيل والدليل العلمي أهم معلومات تدل على قدرة الله في خلق الجمل ،،،
لماذا خص الله الإبل في سورة الغاشية
عجائب الإبل
في البيئه الصحراوية، تتميز الإبل
بأنها الحيوان الوحيد الذي جمع كل (الفوائد الأربعة) لكل الأنعام, فهي حلوبة،
وركوبة، وحمولة وأكولة. حتى أن إسمها صار لشدة أهميتها في حياة العرب، يكنى به عن كل الأنعام!
لذلك كانت تقاس بها ثروة
العربي، وتمهر النساء، ومنها غذاؤهم وكساؤهم، وتحمل متاعهم وتجارتهم، وكذلك فرسانهم
في الغزوات.
ولقد كان لها الفضل الأكبر في هزيمة جيش كسرى
وفيله في (معركة القادسية). وقفزة جيش (خالد بن الوليد) في عبوره السريع لصحراء
الشام لمباغتة جيش الروم وسحقهم في (معركة اليرموك).
والجمل عندما يركب فوق سنامه
الهودج، يصبح غرفة صغيرة، تستقر فيها الحريم مع بعض الراحة، خلال الأسفار الطويلة، كأنهن في سفينة تجوب بهن الصحراء.
الإبل قد يطول عمرها لحوالي
40 سنه، لكن لا يسلسُ قيادتها إلا إذا عوملت بمودة وعطف. وغضبها عنيف جدا عند الأساءة اليها، وقد
تهاجم المسيء بشراسه مخيفة، وربما تصل لحد قتله.
أنواع الإبل ومسمياتها
من الأبل نوعان :
- الجمال وحيدة السنام (العربية) وهو الأكبرحجما،
- والجمال ثنائية السنام (الأسيويه).
وهذين النوعين لهما خصائص وصفات
عديدة، يتشابهان في البعض منها، لكنهما يختلفان
في اللون والطول الكلي والحجم والوزن وإرتفاع القوائم وشكل الأخفاف،،، وغيرها.
ولأهمية الإبل لدى العرب,
فلقد تعددت مسمياتها في لغتهم العربية، فهي :-
الإبل - الجمل - الناقة –الأنعام - العِير-
البعير – البدن - الِهيم – العشار - الحام – الوصيلة - السائبة
- البحيرة .
ولقد وردت بكل مسمياتها في القرآن الكريم, وفي آيات عديدة
, منها قوله تعالى :
- { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } (الغاشية: 17).
- { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا ..... فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * ..... وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ.... فَمِنْهَا رَكُوبُهُم... وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} (يس: 71 -72).
- { وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} (النحل:5).
- { وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً } (الإسراء:59).
معلومات تدل على قدرة الله في خلق الجمل
اختص الله الإبل في سورة الغاشية الجمل حيث أنه هو الحيوان الوحيد على
الأرض :
ـ الذي يمكنه أن يعيش حوالي أسبوعين كاملين بلا ماء ولا طعام، في صحراء حرارتها 50 درجة مئوية على الأقل، وقد يفقد خلال ذلك من جسمه سوائل توازي حوالي ( ربع وزنه) دون أن يصاب بالتعب و الاعياء أو يموت، بينما باقي الحيوانات تموت لو فقدت 12% فقط من وزنها من السوائل.
- يستطيع الجمل أن يستغني عن شرب
الماء لأسابيع أو بضعة أشهر، بسحب الماء الذي يحتاجه من تحليل أنسجة في جسمه، من
غير أن تضعف حركتة. وذلك بالبدء الذاتي في
إستهلاك جزء من دهون سنامه (بالتمثيل الغذائي الحيوي) إذا جاع أو عطش طويلا، حيث يتحلل
الدهن إلى طاقة صافية وماء (وكلاهما مطلوب) ، لكن بدون أن تتجمع خلال ذلك
(المواد الحمضية) الناجمة عن ذلك في دمه، والتي قد يصل تأثيرها، في الإنسان وسائر
الحيوانات، لحد حدوث الغيبوبة والوفاه.
- لذلك قال عنها رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) : " الأبل َمعَهَا سِقَاؤُهَا
وَحِذَاؤُهَا " (لأنها تختزن ماء يكفيها الأيام، وحذاؤها هو أخفافها, كي تسير
بلا كلل).
- طول رقبتة يمكنه من تناول
الأعشاب والحشائش من على الأرض بسهولة، وكذلك قضم أوراق الأشجار العاليه، كما
يمكنه خفض رقبته بسولة، حتى أن صبي صغير يتمكن من قيادته كيفما شاء, بل ويطيعه في
الجلوس (البروك) والنهوض.
- هيكل جسمه به (توازن
ميكانيكي) مثالي، فهو الحيوان الوحيد الذي يمكن تحميله بالأثقال وهو راقد
(بارك) على الأرض، ثم ينهض بالحموله، أو يبرك بها كذلك... حيث أن رقبتة الطويله
والثقيله تساعده على الوقوف، لأن نقطة إرتكازها تقع عند اتصال الرقبة بالساقين الأماميين
& الجسم. لذلك فعند النهوض من الرقاد، يمد رقبته للأمام أولا، فيساعده ثقلها (حسب قانون الروافع) على الإرتكاز على
ركبتيه الأماميتين أولا، ثم يقف على ساقيه
الخلفيين، وبعدهما يكمل الوقوف علي أقدامه الأربعة بالحمولة الثقيلة بأقل جهد ... كما
يبرك به بعكس هذه الخطوات.
- والإبل هي الحيوانات
الوحيدة التي يمكن تحميلها بحوالي 500 كجم - نصف طن من الأثقال - وفي المقابل حتى الأفيال
(ووزنها يتراوح بين 4 & 6 طن) لا
يمكنها ذلك، بل ويمكن للأبل أن تنهض وتبرك بكامل حمولتها ... في سهوله ويسر.
افلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت - مظاهر الإعجاز في خلق الإبل
إبداع الرحمن في تحمل الإبل
لعواصف الرمال بالصحراء
معجزة عين الجمل ورموشة
- عيون الأبل صغيرة نسبيا، ولها زوج من صفوف الرموش الطويلة
والكثيفة، وكذلك زودت بجفن مزدوج (وأولهما شفاف), ليمكنه الرؤية خلال الغبار
وعواصف الرمال، ولها قدرات عجيبة في الرؤية الليلة، والوصول لوجهتها في كل الظروف.
لماذا يخاف الجمل من الإنسان
- تتميز عيون الأبل بقدرتها على التكبير والتقريب بنسب فائقه (منظار
مكبر رباني) ولذلك يرى الشخص القائد له بضعف حجمه، ما يسهل انقياده طواعية لطفل
صغير.
- رأسه به عضلات تمكنه من غلق
منخاره متى أراد، أو تلقائيا عند هجوم الرمال. وعندها يلصق إذنية (الصغيرتين نسبيا) بخلفيه رأسه... ليحكم غلقها.
فوائد خف الجمل
- خف الجمل الضخم يشبه إطار السيارة المملوء بالدهن (بدلاً من الهواء)
كيلا تنغرز أقدامها في الرمال الناعمه، أو تزلق على الصخور، كما تمكنها من تحمل
سخونة الرمال الملتهبه، بالإضافة لوجود وسائد جلدية سميكة على باطن جسمها، تسمح
لها بالبروك على سخونتها، وبدون أي أذى.
- شفاهها العليا مطاطية ومنقسمة
طولياً، بينما السفلى متدنية, فيعملان معاً كالأصابع عند إلتقاطه للطعام، كما أن
أسطحهم الداخلية قاسية، ليمكنه التهام النباتات الشوكية الحادة في الصحراء، بلا ضرر
ولا أذى لفمه ولا لمعدتة وأمعاؤه، لأن لعابه يذيب الأشواك فتصير عجينا ناعما يمكن
إبتلاعه.
- ليس لكبد الابل (حوصله مرارية)
محددة الحجم، ليمكنه تناول أي كمية ضخمة من الغذاء، ويختزن ما زاد عن احتياجاته
منها بتحويلها إلى شحوم ودهون (تختزن في سنامه) كي يسحب منها جسمه (أوتوماتيكيا) عندما يحتاج إليها مع شح الطعام.
- تستطيع أجسامها التكيف مع
الوسط المحيط، فيضبط (مركز للتحكم في حرارته) متواجد في مخها، درجة حرارة جسمها, فيخفضها
في الصحراء الحارة ويرفعها في الليالي الباردة.
* وكل ماسبق من مميزات فريدة، تؤكد عظمة الأبداع الإلاهي و إعجاز الله في خلق الإبل ، حيث قال في قرآنه الكريم :
{ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } (الغاشية :17-20)
----------------------------------
سلسلة مقالات: عظمة الرحمن في مخلوقاته
إعداد/ د. عبد المنعم وهبي
أستاذ بالأكاديميه الصحية بالسعودية سابقًا
